حتى نغير ما بأنفسنا
ضعف الإيمان والتغيير .
التغيير ما بالأنفس يحتاج إلى قوة الإيمان ، ولكن عندما يضعف في القلب وتقل مساحته فيه فإن ذلك ينعكس أثره على السلوك ويصعب التغيير في النفس ، وتنطلق الأعمال مستجيبة لداعي الهوى ، ولضعف الإيمان مظاهر عديدة تختلف نسبتها من شخص لآخر ، ومن هذه المظاهر:
_ التكاسل عن أداء الطاعات بالكيفية المطلوبة ، فنلاحظ صاحب الإيمان الضعيف يتأخر عن الصلاة الجماعة ، ويكون همه الانشغال بالدنيا وزخارفها ولا يفيق إلا بعدما ينتهي الإمام من صلاته بالتسليم .
_ عدم الاستيقاظ لصلاة الصبح في موعدها بالمسجد ، ويفيق من نومه مع طلوع الشمس ، ولا تجده يستشعر بهذا التقصير ، ولا يحس بحجم المصيبة التي لحقت به ، ولا يدري أنه من صلى الصبح في جماعة فهو في حفظ الله وعنايته ورعايته ، بل تجده يمارس حياته طبيعية دون أن يحس بالذنب أو التقصير في جنب الله .
_ صاحب الإيمان الضعيف تجده يذهب إلى صلاة الجمعة متأخرا بعد أن يصعد الإمام المنبر وتغلق الملائكة سجلاتها التي كتبت فيها أسماء المبكرين إلى الصلاة .
_ عندما يضعف الإيمان يكثر اللغو ، وتزداد جلسات السهر والسمر واللهو ، ويفقد فيها السمة الإيمانية حتى لا تكاد تجد في كلامهم تذكرة و موعظة أو كلمة طيبة ، وفيها تكثر الغيبة والنميمة والسخرية والاستهزاء .
_ صاحب الإيمان الضعيف يتعلق قلبه بالدنيا ، يفرح إذا ما زاد رصيده من المال والذهب ، ويحزن عند نقصانه ، يزداد حرصه على مباهج الحياة ، ويظهر ذلك جليا في الملبس والمأكل ، والمسكن والأثاث ، وفي السعي للحصول على الكماليات ، ويرجع سبب هذا الضعف إصابة القلب بمرض حب الدنيا ، ولا يكتفي ويقنع بما رزقه الله تعالى ، بل يريد المزيد والمزيد .
_ عندما يضعف الإيمان يقل العفو والتسامح ، وتزداد المشاحنات بين الناس وتتوتر العلاقات ، ويكثر فيها الخصام والجدال والمراء ، ويعمل الواحد منهم على تصعيد أخطاء صاحبه وتشويه صورته أمام الآخرين، وفي هذا الجو يزداد الغرور بالنفس ، وتتضخم الذات ويزداد الحرص على الانتصار للنفس وحب الظهور .
_ عندما يضعف الإيمان يقل البذل والعطاء والإنفاق في سبيل الله ، ويزداد الحرص والطمع والشح ، ويزداد الخوف من الابتلاء والمحن .
_ عندما يضعف الإيمان يقل الحلم والعفو والصفح بين الناس ، بل تكثر فيه الغلظة والشدة وعدم تحمل الغير ، ويقل التراحم والتعاطف والتلاحم بين المؤمنين ، ويزداد التقصير في القيام بالحقوق المطالب بها كل مؤمن منها : العناية بالوالدين ، صلة الرحم ، الإحسان إلى الجار ، التعاون بين الناس ، وتقل درجة الإخوة بين الأفراد ، ويضعف الحب فيما بينهم، وعدم المبالاة بهموم الآخرين ومشاكلهم ، فيقل السعي في قضاء حوائج المحتاج أو نجدة الملهوف أو مساعدة الفقراء والمساكين .
_ ومن مظاهر ضعف الإيمان ، يظهر جليا في معاملات البيع والشراء ، فكل يحب نفسه ، فتجد قلة الثقة فيما عند الله وازدياد الطمع فيما في أيدي الناس ، وعدم الرضى بالقدر ، فيكثر التسخط والتشكي ، ويظهر ذلك جليا عند مواجهة أدنى مصيبة .
كل هذه المظاهر وغيرها تحتاج منا إلى تغييرها ، ولكن لابد من أن نغيير ما بأنفسنا حتى يتغير حالنا وواقعنا .