قوله تعالى: "يوصيكم الله في أولادكم" قالت الشافعية: قول الله تعالى "يوصيكم الله في أولادكم "حقيقة في أولاد الصلب، فأما ولد الابن فإنما يدخل فيه بطريق المجاز؛ فإذا حلف أن لا ولد له وله ولد ابن لم يحنث؛ وإذا أوصى لولد فلان لم يدخل فيه ولد ولده. وأبو حنيفة يقول: إنه يدخل فيه إن لم يكن له ولد صلب. ومعلوم أن الألفاظ لا تتغير بما قالوه.
قال ابن المنذر: لما قال تعالى: "يوصيكم الله في أولادكم" فكان الذي يجب على ظاهر الآية أن يكون الميراث لجميع الأولاد، المؤمن منهم والكافر؛ فلما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يرث المسلم الكافر علم أن الله أراد بعض الأولاد دون بعض، فلا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم على ظاهر الحديث.
قلت: ولما قال تعالى: "في أولادكم" دخل فيهم الأسير في أيدي الكفار؛ فإنه يرث ما دام تعلم حياته على الإسلام. وبه قال كافة أهل العلم، إلا النخعي فإنه قال: لا يرث الأسير. فأما إذا لم تعلم حياته فحكمه حكم المفقود. ولم يدخل في عموم الآية ميراث النبي صلى الله عليه وسلم لقوله: (لا نورث ما تركنا صدقة) وسيأتي بيانه في "مريم" إن شاء الله تعالى. وكذلك لم يدخل القاتل عمدا لأبيه أو جده أو أخيه أو عمه بالسنة وإجماع الأمة، وأنه لا يرث من مال من قتله ولا من ديته شيئا؛ على ما تقدم بيانه في البقرة. فإن قتله خطأ فلا ميراث له من الدية، ويرث من المال في قول مالك، ولا يرث في قول الشافعي وأحمد وسفيان وأصحاب الرأي، من المال ولا من الدية شيئا؛ حسبما تقدم بيانه في البقرة. وقول مالك أصح، وبه قال إسحاق وأبو ثور. وهو قول سعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح ومجاهد والزهري والأوزاعي وابن المنذر؛ لأن ميراث من ورثه الله تعالى في كتابه ثابت لا يستثنى منه إلا بسنة أو إجماع. وكل مختلف فيه فمردود إلى ظاهر الآيات التي فيها المواريث.
اعلم أن الميراث كان يستحق في أول الإسلام بأسباب: منها الحلف والهجرة والمعاقدة، ثم نسخ على ما يأتي بيانه في هذه السورة عند قوله تعالى: "ولكل جعلنا موالي" [النساء: 33]. إن شاء الله تعالى. وأجمع العلماء على أن الأولاد إذا كان معهم من له فرض مسمى أعطيه، وكان ما بقي من المال للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لقوله عليه السلام: (ألحقوا الفرائض بأهلها) رواه الأئمة. يعني الفرائض الواقعة في كتاب الله تعالى. وهي ستة: النصف والربع والثمن والثلثان والثلث والسدس. فالنصف فرض خمسة: ابنة الصلب، وابنة الابن، والأخت الشقيقة، والأخت للأب، والزوج. وكل ذلك إذا انفردوا عمن يحجبهم عنه. والربع فرض الزوج مع الحاجب، وفرض الزوجة والزوجات مع عدمه. والثمن فرض الزوجة والزوجات مع الحاجب. والثلثان فرض أربع: الاثنتين فصاعدا من بنات الصلب، وبنات الابن، والأخوات الأشقاء، أو للأب. وكل هؤلاء إذا انفردن عمن يحجبهن عنه. والثلث فرض صنفين: الأم مع عدم الولد، وولد الابن، وعدم الاثنين فصاعدا من الإخوة والأخوات، وفرض الاثنين فصاعدا من ولد الأم. وهذا هو ثلث كل المال. فأما ثلث ما يبقى فذلك للأم في مسألة زوج أو زوجة وأبوان؛ فللأم فيها ثلث ما يبقى. وقد تقدم بيانه. وفي مسائل الجد مع الإخوة إذا كان معهم ذو سهم وكان ثلث ما يبقى أحظى له. والسدس فرض سبعة: الأبوان والجد مع الولد وولد الابن، والجدة والجدات إذا اجتمعن، وبنات الابن مع بنت الصلب، والأخوات للأب مع الأخت الشقيقة، والواحد من ولد الأم ذكرا كان أو أنثى. وهذه الفرائض كلها مأخوذة من كتاب الله تعالى إلا فرض الجدة والجدات فإنه مأخوذ من السنة. والأسباب الموجبة لهذه الفروض بالميراث ثلاثة أشياء: نسب ثابت، ونكاح منعقد، وولاء عتاقة. وقد تجتمع الثلاثة الأشياء فيكون الرجل زوج المرأة ومولاها وابن عمها. وقد يجتمع فيه منها شيئان لا أكثر، مثل أن يكون زوجها ومولاها، أو زوجها وابن عمها؛ فيرث بوجهين ويكون له جميع المال إذا انفرد: نصفه بالزوجية ونصفه بالولاء أو بالنسب. ومثل أن تكون المرأة ابنة الرجل ومولاته، فيكون لها أيضا المال إذا انفردت: نصفه بالنسب ونصفه بالولاء.
ولا ميراث إلا بعد أداء الدين والوصية؛ فإذا مات المتوفى أخرج من تركته الحقوق المعينات، ثم ما يلزم من تكفينه وتقبيره، ثم الديون على مراتبها، ثم يخرج من الثلث الوصايا، وما كان في معناها على مراتبها أيضا، ويكون الباقي ميراثا بين الورثة. وجملتهم سبعة عشر. عشرة من الرجال: الابن وابن الابن وإن سفل، والأب وأب الأب وهو الجد وإن علا، والأخ وابن الأخ، والعم وابن العم، والزوج ومولى النعمة. ويرث من النساء سبع: البنت وبنت الابن وان سفلت، والأم والجدة وإن علت، والأخت والزوجة، ومولاة النعمة وهي المعتقة. وقد نظمهم بعض الفضلاء فقال:
والوارثون إن أردت جمعهم مع الإناث الوارثات معهم
عشرة من جملة الذكران وسبع أشخاص من النسوان
وهم، وقد حصرتهم في النظم الابن وابن الابن وابن العم
والأب منهم وهو في الترتيب والجد من قبل الأخ القريب
وابن الأخ الأدنى أجل والعم والزوج والسيد ثم الأم
وابنة الابن بعدها والبنت وزوجة وجدة وأخت
والمرأة المولاة أعني المعتقه خذها إليك عدة محققه
لما قال تعالى: "في أولادكم" يتناول كل ولد كان موجودا أو جنينا في بطن أمه، دنيا أو بعيدا، من الذكور أو الإناث ما عدا الكافر كما تقدم. قال بعضهم: ذلك حقيقة في الأذنين مجاز في الأبعدين. وقال بعضهم: هو حقيقة في الجميع؛ لأنه من التولد، غير أنهم يرثون على قدر القرب منه؛ قال الله تعالى: "يا بني آدم" [الأعراف: 26]. وقال عليه السلام: (أنا سيد ولد آدم) قال: (يا بني إسماعيل ارموا فإن أباكم كان راميا) إلا أنه غلب عرف الاستعمال في إطلاق ذلك على الأعيان الأدنين على تلك الحقيقة؛ فإن كان في ولد الصلب ذكر لم يكن لولد الولد شيء، وهذا مما أجمع عليه أهل العلم. وإن لم يكن في ولد الصلب ذكر وكان في ولد الولد بدء بالبنات للصلب، فأعطين إلى مبلغ الثلثين، ثم أعطي الثلث الباقي لولد الولد إذا استووا في القعدد، أو كان الذكر أسفل ممن فوقه من البنات، للذكر مثل حظ الأنثيين. هذا قول مالك والشافعي وأصحاب الرأي. وبه قال عامة أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم؛ إلا ما يروى عن ابن مسعود أنه قال: (إن كان الذكر من ولد الولد بإزاء الولد الأنثى رد عليها، وإن كان أسفل منها يرد عليها)؛ مراعيا في ذلك قوله تعالى: "فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك" [النساء:11] فلم يجعل للبنات وإن كثرن إلا الثلثين.
قلت: هكذا ذكر ابن العربي هذا التفصيل عن ابن مسعود، والذي ذكره ابن المنذر والباجي عنه: (أن ما فضل عن بنات الصلب لبني الابن دون بنات الابن)، ولم يفصلا. وحكاه ابن المنذر عن أبي ثور. ونحوه حكى أبو عمر، قال أبو عمر: وخالف في ذلك ابن مسعود فقال: وإذا استكمل البنات الثلثين فالباقي لبني الابن دون أخواتهم، ودون من فوقهم من بنات الابن، ومن تحتهم. وإلى هذا ذهب أبو ثور وداود بن علي. وروي مثله عن علقمة. وحجة من ذهب هذا المذهب حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب الله فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر) خرجه البخاري ومسلم وغيرهما. ومن حجة الجمهور قول الله عز وجل: "يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين" لأن ولد الولد ولد. ومن جهة النظر والقياس أن كل من يعصب من في درجته في جملة المال فواجب أن يعصبه في الفاضل من المال؛ كأولاد الصلب. فوجب بذلك أن يشرك ابن الابن أخته، كما يشرك الابن للصلب أخته. فإن احتج لأبي ثور وداود أن بنت الابن لما لم ترث شيئا من الفاضل بعد الثلثين منفردة لم يعصبها أخوها. فالجواب أنها إذا كان معها أخوها قويت به وصارت عصبة معه. وظاهر قوله تعالى: "يوصيكم الله في أولادكم" وهي من الولد.
قوله تعالى: "فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك" الآية. فرض الله تعالى للواحدة النصف، وفرض لما فوق الثنتين الثلثين، ولم يفرض للثنتين فرضا منصوصا في كتابه؛ فتكلم العلماء في الدليل الذي يوجب لهما الثلثين ما هو؟ فقيل: الإجماع وهو مردود؛ لأن الصحيح عن ابن عباس أنه أعطى البنتين النصف؛ لأن الله عز وجل قال: "فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك" [النساء: 11] وهذا شرط وجزاء. قال: فلا أعطي البنتين الثلثين. وقيل: أعطيتا الثلثين بالقياس على الأختين؛ فإن الله سبحانه لما قال في آخر السورة: "وله أخت فلها نصف ما ترك" [النساء: 176] وقال تعالى: "فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك" [النساء: 176] فألحقت الابنتان بالأختين في الاشتراك في الثلثين، وألحقت الأخوات إذا زدن على اثنتين بالبنات في الاشتراك في الثلثين. واعترض هذا بأن ذلك منصوص عليه في الأخوات، والإجماع منعقد عليه فهو مسلم بذلك. وقيل: في الآية ما يدل على أن للبنتين الثلثين، وذلك أنه لما كان للواحدة مع أخيها الثلث إذا انفردت، علمنا أن للاثنتين الثلثين. احتج بهذه الحجة، وقال هذه المقالة إسماعيل القاضي وأبو العباس المبرد. قال النحاس: وهذا الاحتجاج عند أهل النظر غلط؛ لأن الاختلاف في البنتين وليس في الواحدة. فيقول مخالفه: إذا ترك بنتين وابنا فللبنتين النصف؛ فهذا دليل على أن هذا فرضهم. وقيل: "فوق" زائدة أي إن كن نساء اثنتين. كقوله تعالى: "فاضربوا فوق الأعناق" [الأنفال: 12] أي الأعناق. ورد هذا القول النحاس وابن عطية وقالا: هو خطأ؛ لأن الظروف وجميع الأسماء لا يجوز في كلام العرب أن تزاد لغير معنى. قال ابن عطية: ولأن قوله تعالى: "فاضربوا فوق الأعناق" هو الفصيح، وليست فوق زائدة بل هي محكمة للمعنى؛ لأن ضربة العنق إنما يجب أن تكون فوق العظام في المفصل دون الدماغ. كما قال دريد بن الصمة: أخفض عن الدماغ وارفع عن العظم، فهكذا كنت أضرب أعنان الأبطال. وأقوى الاحتجاج في أن للبنتين الثلثين الحديث الصحيح المروي في سبب النزول. ولغة أهل الحجاز وبني أسد الثلث والربع إلى العشر. ولغة بني تميم وربيعة الثلث بإسكان اللام إلى العشر. ويقال: ثلث القوم أثلثهم، وثلثت الدراهم أثلثها إذا تممتها ثلاثة، وأثلثت هي؛ إلا أنهم قالوا في المائة والألف: أمأيتها وآلفتها وأمأت وآلفت.
قوله تعالى: "وإن كانت واحدة فلها النصف" قرأ نافع وأهل المدينة "واحدة" بالرفع على معنى وقعت وحدثت، فهي كانت التامة؛ كما قال الشاعر:
إذا كان الشتاء فأدفئوني فإن الشيخ يهرمه الشتاء
والباقون بالنصب. قال النحاس: وهذه قراءة حسنة. أي وإن كانت المتروكة أو المولودة "واحدة" مثل "فإن كن نساء". فإذا كان مع بنات الصلب بنات ابن، وكان بنات الصلب اثنتين فصاعدا حجبن بنات الابن أن يرثن بالفرض؛ لأنه لا مدخل لبنات الابن أن يرثن بالفرض في غير الثلثين. فإن كانت بنت الصلب واحدة فإن ابنة الابن أو بنات الابن يرثن مع بنات الصلب تكملة الثلثين؛ لأنه فرض يرثه البنتان فما زاد. وبنات الابن يقمن مقام البنات عند عدمهن. وكذلك أبناء البنين يقومون مقام البنين في الحجب والميراث. فلما عدم من يستحق منهن السدس كان ذلك لبنت الابن، وهي أولى بالسدس من الأخت الشقيقة للمتوفى. على هذا جمهور الفقهاء من الصحابة والتابعين؛ إلا ما يروى عن أبي موسى وسليمان بن أبي ربيعة أن للبنت النصف، والنصف الثاني للأخت، ولا حق في ذلك لبنت الابن. وقد صح عن أبي موسى ما يقتضي أنه رجع عن ذلك؛ رواه البخاري: حدثنا آدم حدثنا شعبة حدثنا أبو قيس سمعت هزيل بن شرحبيل يقول: سئل أبو موسى عن ابنة وابنة ابن وأخت. فقال: (للابنة النصف، وللأخت النصف)؛ وأت ابن مسعود فإنه سيتابعني. فسئل ابن مسعود وأخبر بقول أبي موسى فقال: (لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين ! أقضي فيها بما قضى النبي صلى الله عليه وسلم: للابنة النصف، ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت). فأتينا أبا موسى فأخبرناه بقول ابن مسعود فقال: (لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم). فإن كان مع بنت الابن أو بنات الابن ابن في درجتها أو أسفل منها عصبها، فكان النصف الثاني بينهما، للذكر مثل حظ الأنثيين بالغا ما بلغ - خلافا لابن مسعود على ما تقدم إذا استوفى بنات الصلب، أو بنت الصلب وبنات الابن الثلثين وكذلك يقول في الأخت لأب وأم، وأخوات وإخوة لأب: للأخت من الأب والأم النصف، والباقي للإخوة والأخوات، ما لم يصبهن من المقاسمة أكثر من السدس؛ فإن أصابهن أكثر من السدس أعطاهن السدس تكملة الثلثين، ولم يزدهن على ذلك. وبه قال أبو ثور.
إذا مات الرجل وترك زوجته حبلى فإن المال يوقف حتى يتبين ما تضع. وأجمع أهل العلم على أن الرجل إذا مات وزوجته حبلى أن الولد الذي في بطنها يرث ويورث إذا خرج حيا واستهل. وقالوا جميعا: إذا خرج ميتا لم يرث؛ فإن خرج حيا ولم يستهل فقالت طائفة: لا ميراث له وإن تحرك أو عطس ما لم يستهل. هذا قول مالك والقاسم بن محمد وابن سيرين والشعبي والزهري وقتادة. وقالت طائفة: إذا عرفت حياة المولود بتحريك أو صياح أو رضاع أو نفس فأحكامه أحكام الحي. هذا قول الشافعي وسفيان الثوري والأوزاعي. قال ابن المنذر: الذي قال الشافعي يحتمل النظر، غير أن الخبر يمنع منه وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان فيستهل صارخا من نخسة الشيطان إلا ابن مريم وأمه). وهذا خبر، ولا يقع على الخبر النسخ.
لما قال تعالى: "في أولادكم" تناول الخنثى وهو الذي له فرجان. وأجمع العلماء على أنه يورث من حيث يبول؛ إن بال من حيث يبول الرجل ورث ميراث رجل، وإن بال من حيث تبول المرأة ورث ميراث المرأة. قال ابن المنذر: ولا أحفظ عن مالك فيه شيئا، بل قد ذكر ابن القاسم أنه هاب أن يسأل مالكا عنه. فإن بال منهما معا فالمعتبر سبق البول؛ قاله سعيد بن المسيب وأحمد وإسحاق. وحكي ذلك عن أصحاب الرأي. وروى قتادة عن سعيد بن المسيب أنه قال في الخنثى: يورثه من حيث يبول؛ فإن بال منهما جميعا فمن أيهما سبق، فإن بال منهما معا فنصف ذكر ونصف أنثى. وقال يعقوب ومحمد: من أيهما خرج أكثر ورث؛ وحكي عن الأوزاعي. وقال النعمان: إذا خرج منهما معا فهو مشكل، ولا أنظر إلى أيهما أكثر. وروي عنه أنه وقف عنه إذا كان هكذا. وحكي عنه قال: إذا أشكل يعطى أقل النصيبين. وقال يحيى بن آدم: إذا بال من حيث يبول الرجل ويحيض كما تحيض المرأة ورث من حيث يبول؛ لأن في الأثر: يورث من مباله. وفي قول الشافعي: إذا خرج منهما جميعا ولم يسبق أحدهما الآخر يكون مشكلا، ويعطى من الميراث ميراث أنثى، وموقف الباقي بينه وبين سائر الورثة حتى يتبين أمره أو يصطلحوا؛ وبه قال أبو ثور. وقال الشعبي: يعطي نصف ميراث الذكر، ونصف ميراث الأنثى؛ وبه قال الأوزاعي، وهو مذهب مالك. قال ابن شاس في جواهره الثمينة، على مذهب مالك عالم المدينة: الخنثى يعتبر إذا كان ذا فرجين فرج المرأة وفرج الرجل بالمبال منهما؛ فيعطى الحكم لما بال منه فإن بال منهما اعتبرت الكثرة من أيهما، فإن تساوى الحال اعتبر السبق، فإن كان ذلك منهما معا اعتبر نبات اللحية أو كبر الثديين ومشابهتهما لثدي النساء، فإن اجتمع الأمران اعتبر الحال عند البلوغ، فإن وجد الحيض حكم به، وإن وجد الاحتلام وحده حكم به، فإن اجتمعا فهو مشكل. وكذلك لو لم يكن فرج، لا المختص بالرجال ولا المختص بالنساء، بل كان له مكان يبول منه فقط انتظر به البلوغ؛ فإن ظهرت علامة مميزة وإلا فهو مشكل. ثم حيث حكمنا بالإشكال فميراثه نصف نصيبي ذكر وأنثى.