عدد الرسائل : 1773 العمر : 38 sms : أحمدك ربي أنك ربي تاريخ التسجيل : 18/03/2008
موضوع: إخلاص الإمام علي عليه السلام السبت 27 سبتمبر 2008 - 20:36
حكايات وعبر معاصرة إخلاص الإمام علي بذْل القليل الطيب خيرٌ من كثير خبيث
نصّ الحكاية
بكّر الناس صباحاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسوا حوله ليستمعوا إلى حديثه النوراني حتى غصّ المجلس بأهله، فرفع رسول الله صلى اله عليه وسلم ببصره إلى الناس فقال: “أيكم أنفق اليوم من ماله ابتغاء وجه الله تعالى؟”. فسكتوا جميعاً كأن فوق رؤوسهم الطير. فقال علي:أنا خرجت ومعي دينار أريد أن أشتري به دقيقا- طحين - فرأيت المقداد بن الأسود، وتبينتُ في وجهه أثر الجوع، فناولته الدينار. فقال رسول الله صلى اله عليه وسلم: “وجبت (يعني لك) الرحمة والجنة”. ثم قام رجل آخر من بين الناس فقال: يا رسول الله قد أنفقت اليوم أكثر مما أنفق علي، جهّزت رجلاً وامرأة يريدان طريقاً ولا نفقة لهما، فأعطيتهما ألف درهم. فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال بعض الحاضرين: يا رسول الله مالك قلت لعلي: “وجبت لك الرحمة والجنة” ولم تقل لهذا، وهو أكثر صدقة؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:أما رأيتم ملكاً يهديه خادمة إليه هدية خفيفة، فيحسن موقعها عنده، ويرفع محل صاحبها، ويحمل إليه من عند خادم آخر هدية عظيمة فيردها، ويستخف بباعثها؟ قالوا: بلى، قد رأينا. قال صلى الله عليه وسلم: فكذلكم صاحبكم،علي دفع ديناراً منقاذا له سادّاً خلة-حاجة – فقير مؤمن، وصاحبكم الآخر أعطى ما أعطى نظراً له معانداً علي أخي رسول الله، يريد به العلو على علي بن أبي طالب. فأحبط الله تعالى عمله وصيره وبالا عليه. نقلا عن “القصص الهادفة”
العبرة المعاصرة:
مشكلة الكثيرين أنهم لا يفرّقون بين الغاية والوسيلة، ومشكلة آخرين أنهم لا يجدون مانعاً في تقديم الغاية على الوسيلة تحت عنوان “الغاية تبرّر الوسيلة”. ولكن المشكلة التي تستجلب الكثير من الآثار الضارة والموبقات الخفية والظاهرة، هو أن يُقدِم المرء على فعل خيّر، وعمل نافع، ولكن لغاية غير شريفة. إنّ الجزاء على ذلك هو الخسران المبين، حيث يحبط الله هذا العمل ويحوّله إلى وبال وعذاب على صاحبه. وقد يظنّ بعض الناس أنّ هذه التوصيفة لا تعبّر عن حقيقة مجرى الأمور في الدّنيا، وإنما هي مجاز وصورة لطبيعة الجزاء الأخروي. ولكن النصوص تقول إنه الإحباط له أثر دنيوي أيضاً، ولذلك انطبق على هؤلاء وصف “الأخسرين أعمالاً”، كما جاء في الآية الكريمة. إنّ الذين يُقدّمون الخير بدوافع غير نزيهة، يجدون أنفسهم محلاّ للعنات من أولئك الفقراء الذين يغدقون عليهم بالخيرات. لا ينال هؤلاء منازل قربى صادقة في نفوس الناس، ولو ابتسموا لهم وصفّقوا تحت تأثير الحاجة الماسة والارتهان لذلّ الفقر. لا أحْقر من هذا الذي يُعطي بغية أن يمنع عن الآخرين شرف العطاء. إنه صاحب نفْس ضيقة، وقلب احتكاري.. انتهازي. ولذلك لم يتردّد الرسول الأكرم في فضْح هذا الصّنف من الناس وعلى الملأ. هذه العبرة المتقدّمة. قبل ذلك ثمّة عبر أكيدة. فلقد افتتح الرسول الأكرم مجلسه بالسؤال عن الإنفاق في سبيل الله. وهذه إشارة بليغة على محوريّة الإنفاق في الإسلام، ولكن بشرط أن يكون الله تعالى هو الغاية. وفي هذا الإطار – وتلك العبرة السّيارة – ليس مهمّاً الكم والحجم، وإنما الغاية والمقصد. وهكذا استحقّ عليّ الجنة برغم ضآلة ما أنفق، وارتدّ على الرجل الآخر ما أنفقه عذاباً وعاراً برغم كثرته. لقد فقد الرجلُ الإخلاص، فكان من الأخسرين، وناله عليّ، فكان من الفائزين.